كتاب الموقع

كتب مفيد سرحال | طوفان الأقصى جرف مخططًا صهيونيًّا جهنميًّا

مفيد سرحال | مدير تحرير موقع المراقب

لازالت غزة تشد الخناق على عنق الكيان الصهيوني من خلال ضراوة الجهد المقاوم وإمساك زمام المبادرة الميدانية ومرونة المناورة خلف خطوط المواجهة والصد الصادم من مسافة صفر التي صارت مصطلحا رمزيًّا أشبه بالكوفية الفلسطينية كدلالة على الثبات والبأس وقوة الشكيمة رغم الفظاعة والإجرام الصهيوني غير المسبوق والجراحات والآلام العظيمة والتضحيات.

ولم تكن الحركة الاستعراضية للجيش الصهيوني بالنفاذ إلى مجمع الشفاء والسراي والمجلس التشريعي واختلاق الأكاذيب والألاعيب على مستوى الحدث المأمول لرفع معنويات الجيش المهزوم وطمأنة الجمهور المذعور المهجوس بحقيبة السفر خارج الكيان حين ينجلي غبار المعارك وقعقعة السلاح.

والحال أن نتنياهو يتخبط تحت السقوف العالية التي رفعها لوقف النار ورفض أكثر من صيغة لتبادل الأسرى لاسيما المدنيين بحجة أن الهدن الإنسانية تمنح حماس فرصة التقاط الأنفاس فيما المقصود الاستعجال  لتحقيق إنجاز يتيم يمسح عن سحنته المقيتة عار نكسة السابع من أوكتوبر.  ولم يحقق بعد 41 يوما على طوفان الأقصى و16 يوما على العملية البرية أيًّا  من أهدافه سواء سحق حماس والقضاء على قيادتها أو استرداد الأسرى أو صياغة صيغة حكم لغزة.

 

علما أن كل الوقائع تشير إلى نية نتنياهو المضمرة القضاء على الرهائن  كي يحرم حماس ورقة تبييض السجون التي ستعزز  مكانتها  في الوجدان الفلسطيني العام وسيتحلق حولها الفلسطينيون كحركة تحرر وطني حققت إنجازات هائلة وأعادت فلسطين إلى مسرح الاهتمام العربي والدولي قضية عادلة محقة وفضحت زيف الصهيونية كحركة استعمار إحلالي استيطاني .

 

ويكفي ما يشهده الشارع الغربي من حراك ضاغط على حكوماته الشريكة في سفك الدم الفلسطيني وعلى رأسها رأس الإرهاب العالمي أميركا .

إن الوقت يقتل نتنياهو ويقلص عمره السياسي،  فالاقتصاد الإسرائيلي يتداعى والجبهات المفتوحة على الجيش الصهيوني سواء في نقاط الاشتباك أو الاسناد في الضفة وغزة وحنوب لبنان واليمن ،هتكت عصب القتال لدى الجندي الصهيوني سيما وأن جل الوحدات القتالية من الاحتياط وفي ذهنهم صور الجنود الصهاينة في غلاف غزة المسحوبين من رقابهم كالأغنام .

 

إن لعبة الوقت  تستفيد منها حماس ارتكازا إلى حماقة نتنياهو وجنونه وصلفه وعدم قبوله النزول عن (مصطبة) عنجهية مطالبه الخلبية وكلما طالت الحرب كلما زاد عري الكيان ودنا أجل نتنياهو السياسي وهنا يتجلى إعجاز العقل المقاوم في إدارة المعركة .

 

في المقابل لم تعد جبهة جنوب لبنان مجرد دينامية ميدانية إشغالية بقدر ما تحولت إلى حرب كاملة الأوصاف لجهة المديات والأسلحة المستخدمة،  صحيح أنها مضبوطة دون قواعد اشتباك واضحة المعالم نظرا لأن حزب الله يخوضها وفق نسخة منقحة عن تفاهم نيسان 96 بتجنب المدنيين اللهم إلا عندما يخطئ العدو الحساب على قاعدة مدني مقابل مدني وهذا ما تحقق مرتين على الأقل.

غير أن الجبهة الجنوبية على طريق دعم غزة آلمت الإسرائيلي بفعل العمليات الموضعية الموجعة وحجم الخسائر في صفوف العدو وباعترافه زادت عن 1500 إصابة بين قتيل وجريح جلهم من العسكريين ومستشفيات الشمال تعج بالمصابين ناهيك عن تدمير قرابة العشرين دبابة وآلية وإخراج أكثر من موقع عسكري من دائرة التموضع الثابت ونزوح نصف مليون مستوطن وضياع الموسم الزراعي في الشمال الذي يشكل السلة الغذائية للكيان.

 

 

إن التنسيق داخل محور المقاومة في إدارة المعركة والمحاكاة المناسبة لكل جبهة على حدة استنزف الكيان الذي تشير كل المعطيات أنه سيذهب صاغرا إلى قواعد ومعادلات جديدة أقله القبول بحل الدولتين والإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال .

لقد جرف طوفان الأقصى مخططًا جهنميًّا ضخمًا كانت أعدته قيادة الاحتلال وفاجأها العبور ،يقضي بحملة تهجير واسعة على وقع هجمات بربرية من الجو تطال الضفة وغزة وجنوب لبنان وجماعات من الداخل الاسرائيلي إنفاذا لقانون يهودية الدولة واللعب بخرائط دول الطوق تقسيما وتجزئة وعبثا بالديموغرافيا والجغرافيا واكثر المتضررين مصر والاردن ولبنان وسوريا،  وبطبيعة الحال الشعب الفلسطيني .

انقلب السحر على الفاجر ليصير المشروع الاستيطاني برمته ريشة تتقاذفها الرياح..إنه عصف المقاومة لا بل عصر المقاومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى