مقالات مختارة

ماذا بعد الكارثة في تركيا وسوريا.. وكم درجة الزلزال القادر على “تمزيق الأرض”؟

 تثير سلسلة الهزات الأرضية التي انتشرت بقوة متفاوتة في أرجاء الأرض بعد الزلزال التركي المدمر مخاوف وتساؤلات عما إذا أصيبت قشرة الأرض بتصدعات لا رجعة عنها.

تعد زلازل فبراير 2023 التي تراوحت قوتها بين  7.5-7.8 درجة، واحدة من أقوى الأحداث الزلزالية التي شهدتها الأراضي التركية منذ عام 1939.

كانت تلك الهزات قوية لدرجة أنها كانت محسوسة في شمال قبرص ولبنان وفلسطين وجورجيا وأرمينيا وأبخازيا. بعد الزلزال الأول، وقعت عشرات من الهزات الارتدادية في تركيا وحدها، بما في ذلك ثلاثة بلغت قوتها 6 درجات أو أعلى.

كما تضررت مناطق في محافظتي اللاذقية وحلب في سوريا بشدة، وقتل الآلاف، علاوة على الدمار الذي طال قلعة حلب، التي تصنفها الأمم المتحدة ضمن التراث العالمي.

للتوضيح، كقاعدة عامة تحدث الزلازل بالقرب من حدود صفائح الغلاف الصخري والصدوع النشطة. وتعتبر منطقة صدع شمال الأناضول منطقة زلزالية بشكل خاص في تركيا. وهذا الصدع يمتد من إزميت إلى بحيرة فان، الواقعة على الحدود مع إيران وجورجيا وأرمينيا.

جميع مدن تركيا المكتظة بالسكان تقع تقريبا على الحدود الشمالية لصفيحة الأناضول، التي تجاورها الصفائح العربية والأفريقية.

وعلى الرغم من أن مدينتا تشيشمي ومرسين على ساحل بحر إيجة، تعتبران أكثر أمانا من جهة الزلازل، إلا أن ذلك يعد استثناء وليس قاعدة، فكل أراضي تركيا تقريبا عرضة للهزات الزلزالية، ويسجل علماء الزلازل ما لا يقل عن 15 هزة في هذه المنطقة كل عام.

في واقع الأمر، تحدث الهزات الأرضية في كثير من الأحيان أكثر من تلك التي تصلنا أنباؤها، وتقدر بحوالي مائة ألف في العام! لكن بعضها يتحول إلى زلزال مدمر يشكل تهديدا لحياة الإنسان والمباني، وهي التي جاءت على خلفية حركات كبيرة لقشرة الأرض على عمق ضحل فيما لا يتعدى عدد الزلازل الملحوظة أكثر من مائة أو أقل في العام.

البروفيسور نيكولاي شيستاكوف، أستاذ قسم مراقبة وتطوير الموارد الجغرافية بمعهد البوليتكنيك بجامعة الشرق الأقصى الفيدرالية الروسية يوضح كيف تحدث الزلازل بطريقة مبسطة بقوله: “لنتخيل أن الأرض عبارة عن شطيرة تتكون من طبقات مختلفة. الجزء العلوي منها قشرة الأرض، لها سمك صغير حوالي عشرة إلى مائة كيلومتر، وهو ضئيل بالنسبة لنصف قطر الأرض، أي ما يعادل 6371 كيلومترا. تنقسم قشرة الأرض إلى صفائح، وهذه الصفائح في حركة مستمرة بالنسبة لبعضها البعض. هناك عدة أنواع من تفاعل الصفائح. في مكان ما تتصادم وفي مناطق تصادم تلك، تميل الجبال إلى الارتفاع، والمثال الحي على ذلك، جبال الهيمالايا.

ويتابع الأكاديمي الروسي شرح سلوك الزلازل قائلا: “في مكان ما تتباعد الصفائح، على سبيل المثال، التلال الوسطى المحيطية، منطقة الصدع في بحيرة بايكال. وهناك مناطق اندساس، وفيها حين تصطدم الصفائح، تغوص إحداها تحت الأخرى. لدينا منطقة كوريل كامتشاتكا، الأكثر عرضة للزلازل في روسيا. تحدث الزلازل هناك طوال الوقت. تتحرك بعض الصفائح بالتوازي مع بعضها البعض. تحدث الزلازل على طول حدود الصفائح. بداخل الصفائح إذا حدثت الزلازل فهي غير مهمة ونادرة للغاية. تركيا في منطقة التفاعل المعقد لثلاث صفائح في وقت واحد، هي الأفريقية والأناضول والعربية”.

البروفيسور يلفت في هذا السياق إلى أن أعمق زلزال في التاريخ كان حصل في “عام 2013 في بحر أوخوتسك، قبالة الساحل الغربي لشبه جزيرة كامتشاتكا، على بعد 560 كم غرب بتروبافلوفسك كامتشاتسكي. وكان مركزه على عمق أكثر من 600 كيلومتر”.

خلال يومي الزلازل الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 و7 فبراير، وقع، بحسب المركز الأوروبي المتوسطي لرصد الزلازل، أكثر من 540 هزة في منطقة البحر المتوسط.

قبل أسبوع من ذلك، في 28 يناير، جرى تسجيل زلزال بقوة 5.9 درجة في شمال غرب إيران، على بعد 34 كيلومترا جنوب شرق مدينة خوي الإيرانية.

علاوة على ذلك، بداية هذا العام  شهدت بشكل عام رقما قياسيا للزلازل، فقد حصلت هزات ارتدادية بلغت قوتها 4.1 درجة في وسط إيطاليا بالقرب من ساحل البحر الأدرياتيكي، وواحدة قبالة سواحل إندونيسيا بقوة 7.6 وثانية بقوة 4.7 قرب مدينة تيرانا الألبانية. وسُجل أيضا زلزال قبالة سواحل فانواتو بقوة 7 درجات، وكان على عمق أكثر من 27 كيلومترا، ونجمت عنه ظاهرة مدمرة أخرى هي تسونامي.

أقوى خمسة زلازل سُجلت في المائة عام الماضية:

زلزال كامتشاتكا وكان بقوة 9.0 درجة، وكان ذلك في نوفمبر 1952. نتيجة لهذا الزلزال، الذي حدث عند الحدود المتقاربة لصفيحتين في المحيط الهادئ، تشكل إثر الزلزال  تسونامي ضخم، دمر العديد من المناطق في جزر الكوريل وكامتشاتكا.

زلزال شرق اليابان بقوة 9.1 درجة، حصل في عام 2011 وتسبب في واحدة من أكثر موجات تسونامي تدميرا في تاريخ البشرية، واودى بحياة 20 ألف شخص.

زلزال في ألاسكا بلغت قوته 9.2 درجة، وقع في ربيع عام 1964. لم تحدث خسائر بشرية لأن المنطقة لم تكن مكتظة بالسكان.

زلزال حصل في المحيط الهندي في عام 2004 بلغت قوته 9.3 درجة، وكان له تأثير مدمر على إندونيسيا. نتيجة تسونامي، لقي حتفه ما يقرب من ربع مليون شخص.

الزلزال التشيلي الكبير في عام 1960، بلغت قوته 9.5 درجة، ولم يكن سببا لأقوى الهزات الارتدادية المدمرة فحسب، بل تسبب أيضا في حدوث تسونامي هائل اجتاح ساحل المحيط الهادئ بأكمله تقريبا.

ما يبعث على التفاؤل، أن العلماء توصلوا إلى أن الزلازل الضخمة، وخاصة الزلازل العميقة، تطلق الطاقة بسبب احتكاك ألواح الغلاف الصخري.

وتبعا لحسابات علمية دقيقة تبين أن مقدار الطاقة التي يمكن أن تتسبب في “تمزيق” الأرض، يمكن أن ينتج عن زلزال يكون أقوى 53 ألف مرة من أعنف زلزال سجلته البشرية في تاريخها!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى